البشرى بالجنة
بُشِّرتْ الكثير من النّساء بالجنّة، وكل واحدة منهنّ لها درجةٌ من درجاتها، ومستوىً من النّعيم حباها الله تعالى مُخصّصٍ لكلّ واحدة منهنّ، لكنّ أفضلهنّ على الإطلاق أربع، هنّ آسية امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة الزهراءَ بنت المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، وتُعتبر هؤلاء السيّدات الأربع الكاملات المَثَل الأعلى الذي يجب الحذو حذوه؛ فهنّ الطّاهرات، العفيفات، الصّالحات، المؤمنات الصّابرات، ومهما ذكرنا من صفاتهن الحسنة، فلن نوفيهنّ حقّهن. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ :
( خَطَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ خُطُوطٍ ، قَالَ : تَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ فَقَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ، وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَجْمَعِينَ )[مسند أحمد]
سيّدات أهل الجنة:
آسيه امرأة فرعون: زوجةُ الطّاغيةِ فرعون؛ الذي ادّعى الألوهية، واستعبد النّاس، ونكّل بهم، كفرَت به ولم تطِعه، فعذّبها أشدَّ العذاب، ومع ذلك فقد صبرت وتحمّلت؛ ابتغاءَ وجه الله تعالى، وإيماناً به، فكانت تقول وهي تُعذَّب كما جاء في القرآن الكريم: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظالِمِينَ) [التحريم: 11]
مريم بنت عمران: دعت والدتها الله عز وجل أن يرزقها ولداً وان تجعله خادماً لبيت المقدس، ولكن حكمة الله عز وجل شاءت أن يكون مولودها أنثى وليس ذكراً، فقد ولدت السيدة مريم. قال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 42]. الطاهرة البتول أم نبي الله عيسى عليه السلام، فكانت ولادته معجزةٌ وآيةٌ من آيات الله، فقد أنجبته من غير أب، وقد تحمّلت كلام الناس وقذفهم لها، إلى أن برّأها الله عز وجل بنطق طفلها الرضيع بأنه عبد الله ورسوله.
خديجة بنت خويلد: أمُّ القاسم، زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت خير سندٍ له في بداية دعوته؛ فهي أوّل من صدّقه، وآمن به، وآزره. أحبَّ زوجاته إليه وأمُّ أبنائه، حتى إنّ السّيّدة عائشة رضي الله عنها كانت تقول: ( مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبيِّ ﷺ مَا غِرْتُ عَلَى خديجةَ رضي اللَّه عنها، ومَا رَأَيْتُهَا قَطُّ، ولَكِنْ كَانَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا)، فقد كان كثير الثّناء عليها، ويعظّمها ويفضِّلها على سائر أزواجه، وعند وفاتها حزن حزناً شديداً لفقدها، وقد أرسل الله جبريل عليه السلام يوماً إلى سيّدنا محمد؛ ليبشّرَ خديجةَ رضي الله عنها ببيتٍ في الجنّة من قصب، لا صخبٍ فيه ولا نصب.
فاطمة: بنت محمد صلى الله عليه وسلم زوجة رابع الخلفاء االراشدين علي بن أبي طالب، وأمُّ الحسنِ والحسين، حبيبةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ومهجةُ قلبه وأصغر بناته، لاقت الكثير من العذاب في بداية دعوة أبيها محمّد صلى الله عليه وسلم، فكانت تدافع وتميط الأذى عنه، فصبرت وتحملت، وكانت مع الذين تم حصارهم في شعب أبي طالب. عند مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر حياته دخلت عليه الزهراء فأسرّ لها النبي حديثاً فبكت، فأسرّ لها ثانيةً فضحت، فسألتها السيدة عائشة أم المؤمنين عن ذلك فرفضت إفشاء سر رسول الله، وعند وفاته صلى الله عليه وسلم عادت وسألتها عن ذلك، فقالت في المرّة الأولى أخبرها رسول الله بأن الله سيتوفاه، وفي المرّة الثانية بشرّها رسول الله بأنها سيدة نساء أهل الجنة.